ماذا يمكن أن يقال عن نزار؟!! هو عاشق المعنى الذي سكن في ذرات خياله... أترعه فأترع سطوراً نسجت قصائد... هي صباياه يتهادين في دوحة الشعر... لكل منها أنسها ولكل منها فتنها... ولكل منها خطوط جمالها... ولكل منها سموها... تتألف القصائد بموسيقاها لترقص الكلمات على لحنٍ موقّع من حرف نزار... ربما كان حرفه غير الحروف... فكانت المرأة ألف باءه التي نسج من حروفها كل المعاني... كل القصائد... وكل السطور والفواصل والنقاط. هي كانت البداية هي... وهي النهاية... وبعد... هناك الكثير مما يمكن أن يقال ومما يمكن ألا يقال في المرأة، ونزار كان لها مدّها وجزرها في قصائده... ولكنها في معانيه انغرست وفي كلماته أزهرت وأورقت وفي سطوره أيعنت قصائد يقطفها المتجول في دوحة شعر نزار... يقطف منها دواوين امرأة لا مبالية، وقاموس العاشقين، وقع معاني هؤلاء العشاق، قصائد متوحشة، قالت لي السمراء، قصيدة بلقيس، قصائد مغضوب عليها... يفتحها ليقرأ في تلك اللامبالية التي نسج لها نزار حكايات، فكانت القصائد لوحات شاعر رسام...
وفي "قاموس العاشقين" يُقرأ ما انتقاه نزار من حكايا عن العاشقين... تلك الحكايا تستحيل فيه الصور معاني والهمسات كلمات، وألوان الفرح والهيام موسيقى تتراقص قصائداً على وقع معاني العشاق.
و"كل عام وأنت حبيبتي" باقة كلمات همسها نزار لتكون عربون صدق ورمز وفاء ولتكون حبيبته كل عام هي الحبيبة.
وفي "قالت لي السمراء" كان نزار يعزف سيمفونياته الشعرية على الرصيف فيطرب على وقع كلمات السمراء كل غاد ورائح...
و"بلقيس" لها تلك القصائد، هي تلك الإنسانة التي كانت هي معنى عطائه... هي غابت عن الوجود لكنها لم تكن لتموت في خيال نزار... ولا أن تُمحى من ذاكرته ومنها قصائد لا تمحى... وتغيب المرأة في بعض عناوين دواوينه لتبقى الملهمة...
و"قصائد مغضوب عليها" أتت من آهة شقت طريقها من زحام القمع والإرهاب... سحبها لتدوي صرخة... وتعلن الوطن المقهور والإنسان المسحوق. و"إضاءات" نزار قصائد أضاءت في الشعر العربي من خلال المعاني والكلمات التي أضاءت ذهن العربي في أنحاء الوطن العربي المترامي الأطراف، المحدود الأهداف... ليعلن ما كان خافياً من آلام وهموم.
و"حبيبتي" قصائد فيها بطاقات من آسيا ينشدها رجل... شرقية بصماته... معانيه تضج بها الكلمات والحروف التي تنساب في قصائده الحيرى... المتألمة حيناً والجزلى المشوقة أحياناً بعبق قصص لا تنتهي...
وفي "أشعار خارجة عن القانون" لم يكن خارجاً عن القانون... نزار... وإنما أشعاره هي التي خرجت عن قانونه... هربت من ذاته لتتوضع عبارات وكلمات... خرجت عن القانون.
وبعد.. قصائد نزار معاني... ومعانيه خيال مترع حلّق في سماء المشاعر الإنسانية... جمع من غيومها أشعاراً، ومن لغة طيورها أناشيداً، خرجت عن المألوف في معانيها، في تركيبتها وفي موسيقاها... فكان البلبل المتمرد الخارج عن سربه أحياناً ليعود إلى سربه في أحيان أخرى... بلبلاً مغرداً في سماء الشعر